مصاحف الكتاب الاسلامي

/// /////

سورة الأنبياء

سورة الأنبياء

الاثنين، 14 مارس 2022

يونس وقصة الحوت

 

سورة الأنبياء بصوت المنشاوي

************

مشاري راشد{سورة الأنبياء }


 

 

{أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}

أبو دجانة محمد بن سالم البلوشي

بسم الله الرحمن الرحيم


هذه الجملة العظيمة التي فيها اعترافين كبيرين الاول وهو الاعظم :الاعتراف بالوهية الله تعالى ووحدانيته و الثاني: الاعتراف بالذنب و التقصير و الخطأ ، فالاول يدل على تمام العبودية لله رب العالمين ،و الثاني يدل على قوة الايمان و الرغبة في تطبيق العبودية تطبيقا صحيحا بالتنازل عن الغرور و التوقف عن التمادي في العصيان و الرغبة بل العزم في الطاعة و الاخلاص و الاستقامة لله تعالى .. ان البدء بتوحيد الله تعالى في الدعاء و تنزيهه فيه اعتراف بذلك و فيه ردع للنفس العاصية او الطاغية و تذكير لها انها مهما تمادت و تعجرفت فان هناك من خلقها ومن سيحاسبها ومن هو قادر عليها فيجعلها ذلك تتراجع و تخاف و تتأدب و تمتنع عن الحرام ، ثم الاعتراف بالخطأ يكون نتيجة حتمية للشعور بعظمة الله تعالى و قدرته و اليقين بذلك ،فالمرء ان علم ان هناك من هو اقوى منه و طلب منه التوقف عن امر ما والا عاقبه فانه يتوقف عنه مباشرة فكيف ان كان الامر و الناهي هو الله تعالى و بالتالي فانه يمتنع كليا ان وقع الايمان و اليقين في قلبه ويتراجع عن ما هو فيه او ما كان عليه صاغرا تائبا ، وهو ايضا يستشعر عظمة الله تعالى وانه الاله الحق وانه الامر الناهي وانه المجازي و المعاقب وان كل شيء بامره وتقديره فيستحي حينها ان ينقص في حق ربه تعالى او ان يعصيه و لا يوفيه حقه من عبادة و طاعة مع انه مهما فعل فلن يستطيع ان يرد جزءا بسيطا من حق الله تعالى عليه ، و يبقى الامل في رحمة الله و رضوانه.

{أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}

{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء : 87]

جاءت في القران الكريم على لسان عبد صالح من عبيده ، و نبي كريم من أنبيائه وهو سيدنا يونس بن متى عليه السلام ، وهذا النبي لما راى نفسه وقع في بلاء من ربه وامتحان ، وابتلي بأن جعله الله تعالى في بطن الحوت نادى في الظلمات ، ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت ..نادى الذي يسمع ويرى كل شيء كما قيل -والله اعظم من ذلك -: يرى ويسمع دبيب النملة السوداء فوق الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ،سبحانه هذا العظيم القدير القوي العزيز المسيطر على كل شيء ناداه عبده ونبيه وهو موقن باجابته وناداه اولا بوحدانيته و الوهيته ثم اعترف له بحاله فانجاه الله تعالى من بطن تلك الدابة البحرية و اعاده و عافاه ، فيا سبحان الذي قال عن نفسه {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة : 186] ،و قال {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل : 62] .. فتدبروا يرحمكم الله تعالى قوة الدعاء ، و نتيجة الاعتراف بالتقصير -حاشا الانبياء- ثم نتيجة التوحيد و اليقين بعون الله و توفيقه عند اخلاص التوبة و الانابة اليه.

{أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}

فلا اله الا انت فيها نفي للالوهية تماما عن كل احد و كل شيء ثم اثباتها قطعا لله تعالى -الا انت- فهو الاله الحق لا شريك له ، وكل من يعبد سواه فهو من ناحية :اله باطل ليس الها حقيقيا ولو قيل عنه اله ،ولو وصف بالالوهية فألوهيته مزيفة كاذبة فهو مخلوق و عاجز او قد يكون خرافة و اسطورة ،و من ناحية ثانية: هذه العبادة التي تصرف الى غير الله باطلة بل تعد شركا و اثما على صاحبها ، فلابد من توحيد الاله الحق الذي قال عن نفسه {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران : 18] و قال {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة : 255] ، و توحيد الله تعالى من اهم واقوى اسباب السعادة و الراحة النفسية و الفكرية و البدنية و ليس كمن يتشتت ذهنه فيعبد مئات الالهة او من يصرف دعائه للجهة الخاطئة فيبتلى بالذلة و الخيبة و كذلك فان توجيه النداء و الرجاء الى الرب الصمد المستحق كفيل بتحقيق الغايات و الرغبات و باستقامة الحياة و النفس .

{أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}

اني كنت من الظالمين ، الظلم هو وضع الشيء في غير محله ، و العاصي ظالم فهو وضع في محل الطاعة و الاذعان العصيان و المخالفة و هذا ظلم لنفسه وظلم لدينه ، و الذي يظلم الناس و لا يعدل معهم وضع مكان العدل البغي و التكبر و سلب الحقوق و الايذاء وهذا ظلم للناس و مخالفة للشرع ، و قد سمى الله تعالى الشرك ظلم { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان : 13]، لان المشرك وضع مكان التوحيد لله الاشراك به و هو ذنب عظيم لانه اكبر الظلم واشده و كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ، وقول الزور ، أو قال : وشهادة الزور) رواه البخاري، فبدأ بالشرك لانه اكبر و اشد و اثقل ذنب و فيه تحطيم لاول اساس من اسس الاسلام وهو التوحيد حيث قال صلى الله عليه وسلم ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان ) ، فالاعتراف بالظلم سواءا كان شركا او كبيرة من الكبائر او صغيرة من الصغائر ثم اتباع الاعتراف به بتوبة و ندم و اقلاع عنه سبب للمغفرة و للخروج من الاثر السيء الناتج عنه ، و كذلك باب من ابواب الرحمة و السعادة و اجابة الدعاء ولهذا قال سبحانه بعدما وجه اليه نبيه يونس هذا الدعاء و الرجاء -لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين-:

(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)سورة الانبياء،اية 88

أخيرا
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
اللهم اغفر لابي واجعل قبره روضة من رياض الجنة و لسائر اموات المسلمين
امين



===  ومن تفسير ابن كثير=

وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)

 
هذه القصة مذكورة هاهنا وفي سورة "الصافات" وفي سورة "ن" (1) وذلك أن يونس بن مَتَّى، عليه السلام، بعثه الله إلى أهل قرية "نينوى" ، وهي قرية من أرض الموصل، فدعاهم إلى الله، فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم، فخرج من بين أظهرهم مغاضبا لهم، ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث. فلما تحققوا منه ذلك، وعلموا أن النبي لا يكذب، خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم، وفرقوا بين الأمهات وأولادها، ثم تضرعوا إلى الله عز وجل، وجأروا (2) إليه، ورغت الإبل وفُضْلانها، وخارت البقر وأولادها، وثغت الغنم وحُمْلانها، فرفع الله عنهم العذاب، قال الله تعالى: { فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ (3) الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ } [يونس:98] .
 
وأما يونس، عليه السلام، فإنه ذهب فركب مع قوم في سفينة فَلَجَّجت بهم، وخافوا أن يغرقوا (4) . فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه، فوقعت القرعة على يونس، فأبوا (5) أن يلقوه، ثم أعادوا القرعة فوقعت عليه أيضًا، فأبوا، ثم أعادوها فوقعت عليه أيضًا، قال الله تعالى: { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ } [ الصافات:141]، أي: وقعت عليه القرعة (6) ، فقام يونس، عليه السلام، وتجرد من ثيابه، ثم ألقى نفسه في البحر، وقد أرسل الله، سبحانه وتعالى، من البحر الأخضر -فيما قاله ابن مسعود-حوتًا يشق البحار، حتى جاء فالتقم يونس حين ألقى نفسه من السفينة، فأوحى الله إلى ذلك الحوت ألا تأكل له لحمًا، ولا تهشم له عظما؛ فإن يونس ليس لك رزقا، وإنما بطنك له يكون سجنًا.
وقوله: { وَذَا النُّونِ } يعني: الحوت، صحت الإضافة إليه بهذه النسبة.
وقوله: { إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا } : قال الضحاك: لقومه، { فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ } [أي: نضيق عليه في بطن الحوت. يُروَى نحو هذا عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وغيرهم، واختاره (7) ابن جرير، واستشهد عليه بقوله تعالى: { وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } [ الطلاق:7] .
وقال عطية العَوفي: { فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ } (8) ، أي: نقضي عليه، كأنه جعل ذلك بمعنى التقدير، فإن العرب تقول: قدَر وقَدّر بمعنى واحد، وقال الشاعر:
__________
(1) سورة الصافات الآيات: (139-148) ، وسورة نون (القلم) الآيات: (48-50).
(2) في ت: "ولجؤوا".
(3) في ت: "العذاب".
(4) في ت، ف: "تغرق بهم".
(5) في ت: "فأتوا".
(6) في ف: "فوقعت القرعة عليه".
(7) في ت: "واختارهم".
(8) زيادة من ت، ف، أ.

(5/366)


فَلا عَائد ذَاكَ الزّمَانُ الذي مَضَى ... تباركت ما تَقْدرْ يَكُنْ، فَلَكَ الأمْرُ ...
ومنه قوله تعالى: { فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } [القمر: 12]، أي: قدر.
وقوله: { فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } قال ابن مسعود: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل. وكذا روي عن ابن عباس (1) ، وعمرو بن ميمون، وسعيد بن جُبَير، ومحمد بن كعب، والضحاك، والحسن، وقتادة.
وقال سالم بن أبي الجعد: ظلمةُ حُوت في بطن حوت (2) ، في ظلمة البحر.
قال ابن مسعود، وابنُ عباس وغيرهما: وذلك أنه ذهب به الحوتُ في البحار يَشُقُّها، حتى انتهى به إلى قرار البحر، فسمع (3) يونسُ تسبيح الحصى في قراره ، فعند ذلك وهنالكَ قال: { لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ }
وقال عوف: لما صار يونس في بطن الحوت، ظن أنه قد مات، ثم حرك رجليه فلما تحركت سجد مكانه، ثم نادى: يا رب (4) ، اتخذت لك مسجدًا (5) في موضع ما اتخذه (6) أحد.
وقال سعيد بن أبي الحسن البصري: مكث في بطن الحوت أربعين يومًا. رواهما (7) ابن جبير.
وقال محمد بن إسحاق بن يَسَار، عمن حدثه، عن عبد الله بن رافع -مولى أم سلمة-سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما أراد الله حَبْسَ يونس في بطن الحوت، أوحى الله إلى الحوت أن خذه، ولا تخدش لحما ولا تكسر عظما، فلما انتهى به إلى أسفل البحر، سمع يونس حسًا، فقال في نفسه: ما هذا؟ فأوحى الله إليه، وهو في بطن (8) الحوت: إن هذا تسبيح دواب البحر. قال: فَسَبَّح وهو في بطن الحوت، فسمع (9) الملائكة تسبيحه فقالوا: يا ربنا، إنا نسمع صوتًا ضعيفًا [بأرض غريبة] (10) قال: ذلك عبدي يونس، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر. قالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عملٌ صالح؟. قال: نعم". قال: "فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذفه في الساحل، كما قال الله عز وجل: (11) { وَهُوَ سَقِيمٌ } [الصافات: 145].
ورواه ابن جرير (12) ، ورواه البزار في مسنده، من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة، فذكره بنحوه، ثم قال: لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد (13) ، وروى ابن عبد الحق من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سَلمَة (14) ،
__________
(1) في ف: "ابن مسعود".
(2) في ف، أ: "حوت آخر".
(3) في ت، أ: "حتى يسمع" ، وفي ف: "حتى سمع".
(4) في ت: "رب الحوت" .
(5) في ت: "مسجد".
(6) في ف، أ: "ما أخده".
(7) في ت: "رواها".
(8) في ف: "وهو ببطن".
(9) في ف، أ: "فسمعت".
(10) زيادة من ف، أ.
(11) في ت: "الله تعالى".
(12) تفسير الطبري (17/65).
(13) مسند البزار برقم (2254) "كشف الأستار".
(14) في ت، ف: "مسلم".

(5/367)


عن علي مرفوعًا: لا ينبغي لعبد أن يقول: " أنا (1) خير من يونس بن متى"؛ سبح لله في الظلمات (2) .
وقد روي هذا الحديث بدون هذه الزيادة، من حديث ابن عباس، وابن مسعود، وعبد الله بن جعفر، وسيأتي أسانيدها في سورة "ن" (3) .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن أخي ابن وهب، حدثنا عمي: حدثني أبو صخر: أن يزيد الرقاشي حدثه قال: سمعت أنس بن مالك -ولا أعلم إلا أن أنسا يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم-أن يونس النبي، عليه السلام، حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت، قال: "اللهم، لا إله إلا أنت، سبحانك، إني كنت من الظالمين". فأقبلت هذه الدعوة تحف بالعرش (4) ، فقالت الملائكة: يا رب، صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة؟ فقال: أما تعرفون ذاك (5) ؟ قالوا: لا يا رب (6) ، ومن هو؟ قال: عبدي يونس. قالوا: عبدك يونس الذي لم يزل يُرفَع له عَمَلٌ متقبل (7) ، ودعوة مجابة؟. [قال: نعم] (8) . قالوا: يا رب، أَوَلا (9) ترحم ما كان يصنع (10) في الرخاء فتنجيَه من البلاء؟ قال: بلى. فأمر الحوت فطرحه في العراء (11) .
وقوله: { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ } أي: أخرجناه من بطن الحوت، وتلك الظلمات، { وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ } أي: إذا كانوا في الشدائد ودَعَونا منيبين إلينا، ولا سيما إذا دعوا بهذا الدعاء في حال البلاء، فقد جاء الترغيب في الدعاء بها عن سيد الأنبياء، قال الإمام أحمد:
حدثنا إسماعيل بن عُمَر، حدثنا يونس بن أبي إسحاق الهمداني، حدثنا إبراهيم بن محمد (12) ابن سعد، حدثني والدي محمد عن أبيه سعد، -وهو ابن أبي وقاص -قال: مررت بعثمان بن عفان، رضي الله عنه، في المسجد، فسلمت عليه، فملأ عينيه مني ثم لم يَردُدْ عليّ السلام، فأتيت عمر بن الخطاب فقلت: يا أمير المؤمنين، هل حدث في الإسلام شيء؟ مرتين، قال: لا وما ذاك؟ قلت: لا إلا أني مررتُ بعثمان (13) آنفا في المسجد، فسلمت عليه، فملأ عينيه مني، ثم لم يَرْدُد (14) علي السلام. قال: فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه، فقال: ما منعك ألا تكون رَدَدت على أخيك
__________
(1) في ف: "أنا عند الله خير".
(2) كذا (ابن عبد الحق) ، وأظنه تحريف عن عبد بن حميد، إلا أني لا أجزم بذلك، وقد ذكره الهندي في كنز العمال (12/476) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر في تاريخه.
(3) كذا قال الحافظ ابن كثير، وإنما ذكره هناك من حديث ابن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهما.
فأما حديث ابن عباس: فرواه البخاري في صحيحه برقم (3395) ومسلم في صحيحه برقم (2377).
وأما حديث عبد الله بن جعفر: فرواه أبو داود في السنن برقم (4670).
(4) في ت: "نحو العرش" وفي ف: "تحت العرش".
(5) في ف: "ذلك".
(6) في ت، ف: "يا ربنا".
(7) في ت، ف: "متقبلا".
(8) زيادة من ف، أ.
(9) في ت، ف، أ: "أفلا".
(10) في ت، ف: "يصنعه".
(11) ورواه ابن أبي الدنيات في الفرج بعد الشدة برقم (32) من طريق أحمد بن صالح عن عبد الله بن وهب به.
(12) في ت: "محمد بن إبراهيم".
(13) في ف ، أ: "بعثمان بن عفان رضي الله عنه".
(14) في ت: "يرد".

(5/368)


السلام؟ قال: ما فعلتُ. قال سعد: قلتُ: بلى (1) حتى حلفَ وحلفت، قال: ثم إن عثمان ذكرَ فقال: بلى، وأستغفر الله وأتوب إليه، إنك مررت بي آنفا وأنا أحدّث نفسي بكلمة سمعتُها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ما ذكرتها قط إلا تَغْشَى بصري وقلبي غشَاوة. قال سعد: فأنا أنبئك بها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا [أول دعوة] (2) ثم جاء أعرابي فشغله، حتى قَام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته، فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله ضربت بقدمي الأرض، فالتفت إليّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من هذا؟ أبو إسحاق؟" قال: قلت: نعم، يا رسول الله. قال: "فمه؟" قلت: لا والله، إلا أنك ذكرتَ لنا أول دعوة، ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك. قال: "نعم، دعوةُ ذي النون، إذ هو في بطن الحوت: { لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } ، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له".
ورواه الترمذي، والنسائي في "اليوم والليلة"، من حديث إبراهيم بن محمد بن سعد، عن أبيه، عن سعد (3) ، به (4) .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن كَثِير بن زيد، عن المطلب بن حنطب -قال أبو خالد: أحسبه عن مصعب، يعني: ابن سعد -عن سعد (5) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا بدعاء يونس، استُجِيب (6) له". قال أبو سعيد: يريد به { وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ } (7) .
وقال ابن جرير: حدثني عمران بن بَكَّار الكَلاعي، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا أبو يحيى بن عبد الرحمن، حدثني بِشْر بن منصور، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: سمعت سعد بن مالك -وهو ابن أبي وقاص-يقول: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اسم الله الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئِل به أعطى، دعوةُ يونس بن متى". قال: قلت (8) : يا رسول الله، هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال: هي ليونس بن متى خاصة وللمؤمنين عامة، إذا دعوا بها، ألم تسمع قول الله عز وجل: { : فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ } . فهو شرط من الله لمن دعاه به" (9) .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي سُرَيج، حدثنا داود بن المُحَبَّر بن قَحْذَم المقدسي، عن كثير بن معبد قال: سألت الحسن، قلت: يا أبا سعيد، اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى؟ قال: ابنَ أخي، أما تقرأ القرآن؟ قول الله: { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا }
__________
(1) في ف: "ويلي".
(2) زيادة من ف، أ، والمسند.
(3) في ت: "ابن سعيد".
(4) المسند (1/170) وسنن الترمذي برقم (3505) وسنن النسائي الكبرى برقم (10492).
(5) في ت: "عن سعيد".
(6) في ت: "استجبت".
(7) ورواه الحاكم في المستدرك (2/584) من طريق يحيى بن عبد الحميد، وابن عدي في الكامل (6/68) من طريق أبي هشام الرفاعي كلاهما عن أبي خالد الأحمر به.
(8) في ت، ف: "فقلت".
(9) تفسير الطبري (17/65).

===================================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ترجمة سورة الانبياء بالانجليزية

  ترجمة سورة الأنبياء للغة الإنجليزي ة.